هل تسائلت يوماً عن سبب وجود بعض الخدمات بصورة مجانية (مثل شبكات التواصل الاجتماعي وغيرها) رغم أن الشركات تدفع مليارات الدولارات لتوفيرها لك.
وهنالك أمر آخر كان دائماً يثير استغرابك وهو سبب ظهور إعلان لساعة تفضلها أو ربما لأحد الأكلات التي تحبها !
كل هذه التساؤلات سنوضحها ونجيب عنها بالتفصيل في هذه المقالة.
البيانات مقابل المال
في البداية عليك أن تعرف بأن المعلومات الشخصية للمستخدمين قد أصبحت اليوم هي المورد الأساسي للشركات التقنية ! كيف ذلك ؟
لأنه وبكل بساطة بياناتك الشخصية تساوي الملايين من الدولارات حتى لو كنت شخصاً عادياً وغير مشهوراً.
قد تقر الشركات التقنية بسرقة بياناتك بشكل علني في سياسة خصوصيتها أو ربما لا تفعل ذلك.
هناك بعض الشركات تكتبها بصراحة في سياساتها للخصوصية مستغلة نقطة أن الكثير من المستخدمين لن يقرؤها.
وهناك شركات أخرى لا تبوح بذلك إلى أن يتم انتهاك خصوصيتها هي الأخرى.
وفي كل مرة يتم فيها نشر خبر أن إحدى الشركات تنتهك خصوصياتك وتتجسس عليك فربما قد تقوم بالضحك قليلاً أو تتجاوز الخبر ويتبادر الكثير بالتعليقات الساخرة بأنه لا نفع لهم من التجسس عليه أو إنهم لا يفهمون لغته.
كل هذه السخرية نابعة من جهل المستخدم بكيفية إستغلال بياناته وكيف يتم توظيفها وأين ومتى ؟
كيف تفهم الشركات اللغة التي تتحدث بها ؟
بالنسبة للغة، فأن شركات مثل فيسبوك أو غيرها تقوم باسئجار شركات أخرى مصغرة في مناطق متعددة من العالم ، وظيفتها مراقبة المنشورات التي يتم نشرها في تلك المنطقة وحذف المخالف منها كما أنهم يقومون بالإجابة على التبليغات التي يقوم المستخدم العادي من تلك المنطقة بالتبليغ عنها.
لذا فأن هؤلاء الأشخاص يفهمون لغتك جيداً ويتحدثونها مثلك.
المكاسب التي تسعى الشركات التقنية لتحقيقها من خلال التجسس على بياناتك
1- أغراض تسويقية
سابقاً، كان على الشركات أن يجمعوا عدة أشخاص (عينات) لتجربة إطلاق المنتجات في السوق حيث يعرض المنتج على هذه العينات وتقوم بتجربتها وابداء رأيها ثم جمع الإحصائيات للخروج بنتيجة محددة قبل أن يتم طرح المنتج في السوق.
كان الأمر صعباً للغاية ويستغرق الكثير من الوقت والجهد.
أما في الوقت الحاضر فكل ما تحتاج إليه الشركات لجمع الإحصائيات هو الاتصال بأحدى الشركات التقنية وتخبرهم بالمنتج التي تريد الإعلان عنه.
فلو أرادت شركة ما أن تعلن عن ساعة بلون أسود مثلاً حينها ستقوم بالاتصال بالشركات التي تتجسس على المستخدمين وتبلغها بأنها تريد الإعلان عن ساعة بلون أسود حيث ستقوم الشركات المتجسسة بمهمة جمع المعلومات عن أي شخص يحب الساعات أو يضعها ضمن اهتماماته بعدها تقوم بدراسة كل منشوراته وتعليقاته بل وحتى رسائله باستخدام الذكاء الاصطناعي بالطبع.
وتحصل شركات مثل غوغل وفيسبوك أموال طائلة جراء توفير هذه المعلومات للشركات الأخرى.
إذ تعتبر هذه المعلومات بمثابة كنز تسويقي للمنتجات وهي على دراية كاملة بأنها ستلقى رواجاً في السوق.
2- أغراض إحصائية
قبل سنوات روج الكثير من المدونين التقنيين لموقع يدعى YouGov على أنه موقع للربح.
في الحقيقة أن موقع YouGov هو موقع للإحصائيات وتجميع البيانات حيث يقوم الموقع بطرح مجموعة من الأسئلة ثم تتم الإجابة عليها من قبل المستخدمين ويدفع الموقع لهم مقابل ذلك.
بعدها يجمع الموقع هذه الإجابات ويدخلها في إحصائيات للخروج بنتيجة معينة.
ترسل شركات مثل غوغل وآبل وفيسبوك هذه الإحصائيات إلى الحكومات بمبالغ كبيرة جداً.
ثم تأتي الجريدة في الصباح أو ربما على وكالات الإعلام تحمل إحصائية كمثال “50% من سكان العراق لا يشعرون بالسعادة في بلدهم” رغم انه لم يتم استفسارك حول هذا الموضوع.
3- معرفة توجهاتك السياسية
قد تسمع كثيراً عن تدخل الحكومة الروسية في الانتخابات الأمريكية التي فاز بها دونالد ترامب على هيلاري كلينتون.
وربما شاهدت الرئيس التنفيذي لفيسبوك وغوغل يدليان بشهادتيهما أمام الكونغرس الأمريكي خاصةً بعد تسريبات كامبريدج اناليتيكا.
لكي نعرف ما جرى دعنا نغوص أكثر !
تقوم فيسبوك وغوغل باستخراج أكبر كمية من المعلومات عنا حيث تعملان على عصرنا بكل معنى الكلمة ! كيف ؟
أوضحت تسريبات كامبريدج اناليتيكا أن مجموعة من الذباب الإلكتروني (عبارة عن شركات تقوم بإنشاء حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي لتوجيه الرأي العام أو تغليظه) وقامت بمعرفة التوجهات السياسية للمستخدمين ثم قامت بنشر منشورات تحفز هؤلاء المستخدمين بأن الرئيس ترامب هو الخيار الأمثل لتوجهاتهم السياسية.
لتوضيح الصورة أكثر فلنقل مثلاً أن 100 شخص يرون الرئيس المثالي هو من يقوم ببناء محطة لإعادة تدوير المواد المصنعة، ليأتي الذباب الإلكتروني (بعد استخراج هذه المعلومة عن طريق التجسس) وينشر منشورات وتغريدات يوضح فيها أن ترامب يدعم السياسة الخضراء والمحبة للطبيعة.
شيئاً فشيئاً ستنحاز آراء المستخدمين وتطلعاتهم إلى ترامب.
ننصحك بمشاهدة فيلم “The Great Hack” لفهم مجريات الأمور بصورة أكبر.
4- تتجسس عليك الشركات تلبيةً لطلب حكومات بلدك
ربما سمعت أن حكومة بلد ما تريد الحصول على بيانات خاصة بالمستخدمين من شركة فيسبوك.
بكل تأكيد سوف ترفض فيسبوك هذا الطلب أمام العلن لتبرئة نفسها.
لكن الذي يجري خلف الكواليس هو أن فيسبوك ستوفر لها حق الوصول لأي معلومة كانت.
كمثال على ذلك هو الخبر الذي يقول بأن شركة هواوي تتجسس لصالح الحكومات الأفريقية.
تحاول اليوم الحكومات بالسيطرة على الأحداث واستباقها من خلال الاستفادة من آراء وأفكار المواطنين الذين يستخدمون شبكات التواصل الاجنماعي.
تكسب منصات التواصل الاجتماعي من هذه العمليات مبالغ طائلة.
وهناك برمجيات خبيثة تتجسس لصالح الحكومات من خلال أجهزة التوجيه “Routers” لمعرفة تفاصيل أكثر من هنا.
5- تتجسس عليك الشركات من أجل طلب لحكومات أخرى
كما حدث بين الحكومة الأمريكية وشركة هواوي حيث استخدمت الصين الشركة الرائدة في صناعة الهواتف (هواوي) لكي تتجسس على التكنولوجيا الأمريكية.
بعدها قامت هواوي بالإعلان عن أنها ستبدأ بتوفير تقنية 5G وانترنت الأشياء.
نعرف كلنا أن السباق التكنولوجي التالي سيتمثل بالسيطرة على هاتين التقنيتين.
لمعرفة المزيد من التفاصيل حول تقنية ال5G وانترنت الأشياء من هنا.
ولمعرفة المزيد عن أزمة هواوي مع الحكومة الأمريكية وأسبابها من هنا.
تتجسس الشركات التقنية على المستخدمين لمعرفة السياسات التي ينتهجها البلد والتي تحاول إتاحتها فقط داخل مستوطناتها.
ولهذا السبب نجد الكثير من الحكومات مثل روسيا والصين تمنع استخدام البرمجيات الأمريكية.
حيث أن منصات مثل غوغل وفيسبوك وتويتر محظورة داخل الصين ولها بدائل يتم استخدامها من قبل الصينيون.
وقد أعلنت غوغل سابقاً عن مشروع “Google Dragonfly” محرك بحث خاص بالصين لا يتجسس على مستخدميه لكن المشروع قد أغلق تماماً.
6- تتجسس عليك الشركات لتطوير منصات أكثر احترافية
مثال على ذلك تطبيق “FaceApp” الذي يقوم بشكل علني بأخذ الصور ومعالجتها على سيرفراتهم الخاصة واستخدامها في قواعد بياناتهم.
ولاننسى التعليقات الساخرة التي جاءت في وقتها عندما تحدثنا عنه وعن خطورته وقد نسوا انه مستقبلاً ستسخدم كل المصارف والأنظمة بصمة الوجه فأنت من الآن قد تخليت عن بصمتك وأصبحت بياناتك المستقبلية كلها مخترقة.