تزايدت مخاوف العالم خلال الفترة الأخيرة من أن تمتد الجائحة الحالية لعدة أشهر وربما حتى نهاية السنة، وفيما يخشى البعض في الأزمة الحالية من انقطاع المواد الغذائية إلا أن آخرين يشغلهم أمر آخر، وهو انقطاع الإنترنت عنهم.
ومع أن شبكة الإنترنت صممت خلال القرن الماضي لتحمّل هجوم نووي إلا أن الوضع الحالي مختلف تماما، فهل يمكن أن تكون هذه نهاية الإنترنت، ولماذا نواجه هذه الصعوبات التقنية في عملنا من المنزل، وإن كانت شبكة الإنترنت بخير فلماذا قامت شركات كبرى بتخفيض جودة خدماتها؟
كل هذا سنقوم بالإجابة عنه في هذا التقرير:
1- هل يستطيع الإنترنت التعامل مع جائحة بحجم كورونا؟
الإنترنت شبكة قوية ومرنة بشكل لا يصدق صممت خصيصا للتكيف مع الارتفاعات الكبيرة في حركة المرور تماما مثل تلك التي نعيشها.
وجدت شركة أكامي تكنولوجيز (Akamai Technologies) ومقرها كامبريدج، والتي تراقب الشبكة في جميع أنحاء العالم، أن حركة المرور العالمية كانت تعمل بنسبة 67% أعلى من المتوسط اليومي العادي.
ويتوقع محللون أن تتحمل شبكات الدولة هذا النوع من الزيادات في حركة المرور. فعلى مر السنين، أضافت الشبكات كميات هائلة من السعة الاحتياطية أكثر من القدر المطلوب للتعامل مع المستجدات الحالية.
وقال محلل الاتصالات روجر إنتنر، مؤسس شركة ريكون أنالتيكس (Recon Analytics) في بوسطن، “إن الوضع جيد. وربما لن نرى مشاكل، ليس من الجزء الرئيسي للشبكة”.
2- إذا كان الإنترنت كذلك فلماذا نواجه صعوبات في تطبيقات العمل من البيت أو مواقع الترفيه؟
هذا البطء الذي يواجه معظم المستخدمين هو بسبب “الميل الأخير” وهو عبارة عن المستوى الأخير (3) من الإنترنت الذي يكون بينك وبين مزود الخدمة مباشرة.
فشبكة الإنترنت تنقسم لثلاثة مستويات المستوى الأول وهو العمود الفقري للشبكة يصل بين القارات عن طريق الكوابل، أما المستوى الثاني فهو شركات الاتصالات الكبرى المزودة للخدمة في المنطقة نفسها مثل فودافون، أما المستوى الثالث أو الميل الأخير فهو مزودو الخدمة المحليون الذين يربطون منزلك بالخدمة.
شركات الاتصالات المحلية لديها القدرة على تحمل الضغط وذلك بحسب إمكانياتها، لذلك من المحتمل حدوث تباطؤ في نقاط الاختناق الرئيسية على الإنترنت.
على سبيل المثال، قد تواجه خدمات عقد المؤتمرات عن بُعد مشاكل متقطعة حيث يقوم الآلاف من العاملين في المنزل بإجراء اجتماعات بالفيديو عن بُعد، هذا النوع من الخدمات يتعرض لحالة من الاختناق بسبب زيادة في حجم الطلب على الخدمة ذاتها في وقت واحد.
هنا سيقوم الإنترنت بالتعامل مع هذا الاختناق بتقليل جودة المكالمة لديك، بينما ربما يفقد زميلك من دولة أخرى الاتصال تماما بسبب ضعف مزود الخدمة في المستوى الثالث لديه.
3- إلى متى يستطيع الإنترنت تحمل هذا الضغط؟
من 1 يناير/كانون الثاني إلى 22 مارس/آذار ارتفعت حركة الإنترنت 18% في الولايات المتحدة، وفقا للبيانات الصادرة عن شركة أداء الإنترنت والأمن كلود فلار (Cloudflare).
ولا يختلف ذلك عن الارتفاع الذي قد تشاهده خلال مباراة السوبر بول، باستثناء أن حركة المرور الآن تظل مرتفعة يوما بعد يوم.
وأوضح المؤسس المشارك الرئيس التنفيذي لشركة كلود فلار، ماثيو برينس، لموقع ريكود أن بنية الإنترنت مصممة لاستيعاب هذه الارتفاعات الحادة في النشاط، وأنه نظرا إلى أن الإنترنت يمكن أن يبقى صامدا مع الأحداث الآنية، فيجب أن يكون قادرًا على التعامل مع الارتفاع المستمر “لمدة أربعة أسابيع أو أربعة أشهر أو مهما زاد ذلك”.اعلان
وقال برينس عن الإنترنت، “ليس شيئا مثل السيارة”، وأضاف “ليس الأمر كذلك، إذا كنت تدير سيارتك بسرعة كبيرة لفترة طويلة من الزمن، فمن المرجح أن تتعطل سيارتك. ولكن الشبكات لا تعمل بهذه الطريقة”.
4- لكن إذا كان الأمر كذلك لماذا قامت شركات كبرى بتخفيض جودة خدماتها في بعض المناطق؟
يرجع السبب الرئيسي لذلك أن البنى التحتية للإنترنت في بعض البلدان ليست جيدة بالقدر الكافي، فقد شهدت إيطاليا، على وجه التحديد، انخفاضا حادا في السرعات منذ أن أصدرت حكومتها أوامر الإغلاق، ولكن سرعة الإنترنت في إيطاليا والعديد من الدول الأوروبية الأخرى أقل من النصف قياسا لما عليه الوضع في الولايات المتحدة، ويرجع ذلك جزئيا إلى البنية التحتية القديمة.
هذا الوضع المقلق في أوروبا دفع نتفليكس إلى تخفيض عدد الزيارات هناك بنسبة 25% وكذلك وعد يوتيوب بتقييد الجودة من أجل إفساح المجال للخدمات الأخرى.
هذا يعني أن مستخدمي نتفليكس قد يلاحظون انخفاضا طفيفا في جودة الفيديو، ولكن هذا يعني أيضا أن موقع البنك الإلكتروني المحلي الخاص بهم لا يزال يعمل بشكل صحيح، لذا فإن هذا الإجراء هو إجراء وقائي.
4- ماذا عن وضع الدول العربية؟
يجيب عن هذا السؤال للجزيرة نت المختص في مجال الشبكات وحلول العمليات محمد بورتاموخ بالقول “إن البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات في الدول العربية جيدة للغاية بالنظر إلى الموارد الموجودة في بعض البلدان”.
ويضيف “أما إذا كان سيتحمل الأحمال المتزايدة أم لا، فهذا يعتمد على عدة عوامل بما في ذلك الاستثمار في البنية التحتية الحالية وتوسيعها، وتحديد أولويات التحديثات الفنية، وتحويل الموارد المالية للحفاظ على البنية التحتية للشبكات”.
أما بخصوص مسؤولية هذه التحديثات فيجيب بورتاموخ، “بالنظر إلى الوضع المالي السيئ الذي تعيشه معظم البلدان، فمن المتوقع أن يقع العبء المالي المتمثل في الحفاظ على البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات على عاتق الحكومات أكثر مما يقع على عاتق القطاع الخاص”.
5- كيف يمكنني العمل على ضمان خدمة الإنترنت لدي دون زيادة الحمل على الشبكة؟
إذا كنت تستخدم جهاز التوجيه اللاسلكي للاتصال بالإنترنت، فضع في اعتبارك أن أجهزتك الأخرى تتنافس على النطاق اللاسلكي نفسه، مما يؤدي إلى ازدحام الشبكة في المنزل.
لذلك ينصح بالاتصال مباشرة بجهاز التوجيه الخاص باستخدام (Ethernet) لتحرير النطاق الترددي اللاسلكي، أو ببساطة إيقاف تشغيل الأجهزة التي لا يتم استخدامها حتى تنتهي.
ويمكنك أيضا التفكير في “تغيير الوقت” لنشاطك على الإنترنت، كما يقول كورك من شركة كومسكوب.
أما محمد بورتاموخ فيرى أنه من المهم تعديل سلوك المواطنين نحو “حياة” متوازنة عبر الإنترنت وتشجيعهم على البقاء في وضع عدم الاتصال.
فعلى الرغم من أهمية استخدام التكنولوجيا لتقديم الخدمات اليومية واستهلاكها، فإنه يرى أن هذه فرصة للابتعاد قليلا عنها وتقييدها للحد الأدنى والتوجه لممارسة أنشطة أخرى، كالرياضة والقراءة.