يدعو الخبير الأمني نيك سوكينيك إلى تقبل فكرة سقوط فيسبوك وعدم الاعتماد على إدارته في معالجة الأخطاء، ويجد أن سقوط هذا الموقع الاجتماعي الشهير سيخلق الكثير من البدائل الجيدة.
فقد ناقش مقال نشره موقع هاكر نون الأميركي تجربة خبير الأمن المعلوماتي نيك سوكينيك مع فيسبوك، حيث قضى ستة أشهر في الشركة، قبل أن يستقيل بسبب عدم توافق المهام الموكلة إليه مع تطلعاته.
ويرى سوكينيك العديد من الأدلة التي تشير إلى بداية انهيار فيسبوك، وفي مقدمتها سعي الشركة للحصول على أي تطبيق للتواصل الاجتماعي يهدد إمبراطوريتها، مما يؤكد أن مهمة فيسبوك هي السيطرة على أكبر مجموعة بيانات في التاريخ.
ويعتبر ما قامت به شركة فيسبوك حتى الآن بمثابة إنجاز فعلي من منظور تقني، أما من منظور اجتماعي، يمكن القول إن قوة هذه الشركة وهيمنتها تشكل تهديدا للمجتمع نفسه، لا سيما أنها تملك القدرة على التأثير في عواطف الناس، وتهديد الديمقراطية، وانتهاك الخصوصية، ناهيك عن قدرتها المحتملة على تعميق الصراعات العنيفة.
المواقع الاجتماعية المتخصصة هي الحل
وأوضح الكاتب أن كل هذه الأسباب يجب أن تدفعنا إلى تقبل سقوط فيسبوك، وإنشاء مواقع متخصصة تتحمل قدرا أكبر من المسؤولية في المقابل، حيث يجب الحد من اعتمادنا على فيسبوك في تأدية جميع مهامنا.
ولذلك يجدر بنا الابتعاد عن مواقع التواصل الاجتماعي المخصصة للحديث عن جميع المواضيع، وبدء استخدام مواقع تواصل متخصصة.
ويشرح سوكينيك كيف ستتجه مواقع التواصل الاجتماعي نحو التخصص، إذ سيمتلك كل منها تصميما محددا يدور حول موضوع معين أو نوع معين من المحتوى، في خطوة يمكن أن نطلق عليها اسم “تقسيم العمل في مواقع التواصل الاجتماعي”.
ولا يعني هذا التوجه أن العالم سيشهد عدة نسخ من موقع فيسبوك، كفيسبوك مخصص لممارسة الغولف أو فيسبوك مخصص لمعجبي ديزني. بل سيتمكن المستخدمون الذين تتشابه اهتماماتهم أن يتوجهوا نحو موقع معين ومخصص لتقديم هذه الخدمات.
ويرى الكاتب أن موقع يوتيوب يسير على هذا المنوال، إذ يعمل على إضافة ميزة المراسلات الخاصة بين المستخدمين، مما يعني الاستغناء عن الحاجة لنسخ روابط الفيديو على تطبيق “فيسبوك ميسنجر” للمحادثات الفورية إذا أردت مشاركته مع أصدقائك، وبهذه الميزة الاجتماعية يمكن أن تتم مشاركة الفيديوهات على يوتيوب.
بالإضافة إلى يوتيوب، انتهج تطبيق “ساوند كلاود” الطريقة ذاتها، حيث بات المستخدمون قادرين على إجراء محادثات في ما بينهم. بالإضافة إلى موقعي “يلب” و”بنترست” لنشر الصور، وموقع “لينكد إن” للتواصل المهني، وكلها أضافت ميزات التواصل بين المستخدمين.
وبيّن الكاتب أن المواقع المتخصصة تخدم هدفا محددا، وذلك بعد تحديد نوع المحتوى الذي ستعالجه، وتخصيص الموارد اللازمة للتعامل مع المحتوى بأفضل طريقة ممكنة، فضلا عن توظيف أشخاص يمتلكون فهما كبيرا لما يقومون به، حتى يتمكنوا من إنشاء المحتوى المطلوب ونشره.
وبهذا يصبح الهدف هو تحسين المنتج وليس جمع أكبر قدر من المعلومات حول اهتمامات المستخدمين المختلفة، عند ذلك فقط سيبدأ هدف فيسبوك في التراجع.
عصر المنصات المتخصصة
ويبدو أن المؤسس المشارك لموقع “ريديت” ألكسيس أوهانيان يؤيد هذا الاعتقاد، وذلك من خلال قوله إن الناس يريدون الانتماء إلى مجتمعات رقمية أصغر تضم الأشخاص الذين يشاركونهم الاهتمامات ذاتها، كبديل عن مواقع التواصل الاجتماعي العادية.
وأفاد سوكينيك بأننا سنبدأ رؤية المزيد من المنصات المتخصصة في أنواع محددة من المحتوى والخدمات، والتي ستبدأ بدورها الالتفاف على جزء من حصة فيسبوك في السوق بصفة تدريجية بالتزامن مع توجه المستخدمين وهجرتهم نحو هذه المنصات التي تناسب احتياجاتهم بشكل أفضل، بالإضافة إلى ذلك، سيشهد المستقبل تواجد مواقع ومنصات متخصصة في كل مجال من الخدمات التي يقدمها فيسبوك في الوقت الحالي.
وأورد الكاتب أن كل إمبراطورية عظيمة سيكون مآلها السقوط، وعند الوصول إلى نقطة معينة، يصبح لدى القائمين على تسييرها الكثير من المسؤوليات والنقاط التي ينبغي عليهم تنظيمها، والتي تكون متشابكة ومترابطة باستمرار بشكل يجعل أكثر عناصر الذكاء الاصطناعي تقدما عاجزة عن تطويعها. وبدل من إطالة أمد زوال موقع فيسبوك، سيكون من الأجدر بنا الشروع في التحرك من أجل تقسيم مواقع التواصل الاجتماعي ومراجعة النظام الإعلامي الرقمي.